مجال النشاطات السعودية يتجاوز نشاط الجماعات السلفية والقوة الناعمة تتلاقى مع القدرة الجيوسياسية
3 سبتمبر، 2016
463 10 دقائق
يمنات – صنعاء
تظهر دراسة الأفعال والسياسات والردود السعودية منذ بدء تأسيس كيان آل سعود ازاء التطورات الجارية في اطراف السعودية، وجود نظرة أمنية وايلاء الأولوية لحفظ وبقاء هذا النظام.
ان السعودية ومنذ نشأتها في بداية القرن العشرين تخطت أخطاراً كانت تهددها مثل القومية العربية في العراق ومصر وسوريا، وقد أجبرت هذه الأخطار ولزوم مواجهتها حكام الرياض على رسم سياساتهم التي تلائم بقاء نظامهم مع إيلاء الاهتمام للشأن الداخلي، لكن مع بدء القرن الحاضر وسطوع نجم الشيعة تحت عنوان خطاب الثورة الإسلامية أو محور المقاومة وكذلك خطر الصحوة الإسلامية أو الربيع العربي في السنوات الأخيرة أجبر السعوديون على إحداث نوع من الحراك في سياساتهم الإقليمية، فالسعودية اختارت انتهاج سياسة خارجية هجومية لمنع وصول موجة التغيير الجارية في المنطقة الى داخل البلاد.
ان دعم الأشكال المتعصبة والمحافظة للتطرف أي الوهابية في الدرجة الأولى، والسلفية بمختلف أنواعها والفرق المنحرفة في جنوب آسيا أصبح محور اهتمامات السعودية لحفظ مكانتها الدولية والإقليمية.
وربما يمكن القول ان هذا الأمر بالنسبة للسعوديين يتعلق بالقوة الناعمة ويعتبر بالنسبة لآل سعود صراع وجود أكثر مما هو دعاية دينية، ان تركيز السعودية على التطرف المحافظ بل الاستثمار في النظريات المماثلة وخاصة في جنوب آسيا سمح لهذا البلد بأن يعتمد على تصدير تفسيره الخاص عن الإسلام، ان آسيا الوسطى هو المكان الذي يجتذب لوحده معظم الجهود الدبلوماسية السعودية بعد الحرب العالمية الثانية حتى أكثر مما قام به الأمريكان والسوفييت وكان لهذه الجهود أكبر أثر مخرب.
ان مجال النشاطات السعودية يتجاوز نشاط الجماعات السلفية لأن القوة الناعمة تتلاقى مع القدرة الجيوسياسية والأمر لا يتوقف على حملات الدعاية، ان هذه النشاطات تشمل تقديم الدعم المالي لبناء المساجد والمؤسسات الثقافية وإحداث شبكات المدارس والجامعات وطبع الكتب وانشاء وسائل الإعلام وتوزيع ونشر الأدب الوهابي بلغات مختلفة وكذلك كتب المفكرين المتعصبين من باقي التيارات.
ان النظام السعودي ومن أجل تقوية نشاطاته عمد الى إيجاد مؤسسات مختلفة مثل “الاتحاد العالمي للمسلمين” والمؤسسات التابعة لها مثل “الحرمين” التي تم حلها بسبب وجود علاقة بينها وبين هجمات 11 سبتمبر، أو الجامعات التي تسمى بالإسلامية في المدينة المنورة وماليزيا وباكستان، وفي كافة هذه المؤسسات نجد بأنه هو الجهة المستثمرة رغم ان إشراف السعوديين على المؤسسات التي ذكرناها هو بشكل غير مباشر وغير محسوس (تعتبر الجامعة الإسلامية في إسلام آباد استثناء).
ان فقدان المراقبة المباشرة كان مشهودا ايضا في البنك التجاري الوطني السعودي الذي كان في وقت من الأوقات أكبر مؤسسة تجارية في السعودية ففي هذه المؤسسة كانت الحسابات كلها تعود للعائلة الحاكمة وان 3 أشخاص فقط كان بإمكانهم الوصول الى هذه الحسابات وقد قدم هذا البنك مساعدات الى المتطرفين تحت ستار مساعدة المؤسسات الخيرية.
ان دائرة النشاطات السعودية وتأثيرها يشمل بشكل أكبر الأقليات القومية والدينية ويؤدي الى إذكاء الخلافات الطائفية في بلدان مثل باكستان وماليزيا واندونيسيا ومالي وبنغلادش والبوسنة، وربما ان أكبر أثر تدميري لذلك هو في باكستان لأنه اضافة الى العلاقات الوثيقة بين باكستان والسعودية فإن اسلام آباد تستخدم أيضا الجماعات المتطرفة المسلحة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، ومن جهة أخرى تحظى باكستان بأهمية بالغة بالنسبة للسعوديين لأنها تجاور ايران وان ربع سكانها البالغ عددهم 200 مليون نسمة هم من الشيعة.
وفي الحقيقة اذا أردنا ان نراقب الدعم السعودي للجماعات السلفية والاستثمار الدعائي فيجب علينا ان ندقق النظر في العداوات والصداقات والتنافس الموجود وكذلك الأخطار والفرص الموجودة في المنطقة.
ان التنافس مع ايران بات واضحا في السياسة الخارجية السعودية على الأقل خلال العقد الأخير، وقد أدى تزايد قدرات ايران الإقليمية في المنطقة إثر الأحداث التي جرت في المنطقة منذ عام 2005 الى سوق السعوديين نحو التنافس مع ايران ودفعهم باتجاه استخدام الجماعات الإرهابية كأداة ضغط ضد ايران في المنطقة.
ان دعم الجماعات المتطرفة والترويج للتطرف تحت مسمى الدعاية للوهابية يعتبر رد فعل سعودي لإدارة التطورات في المنطقة ويدل على وجود مسعى للإستفادة من هذه الجماعات والقوميات المتحالفة مع بعضها البعض في مختلف الدول على المستوى التكتيكي.